روائع مختارة | قطوف إيمانية | عقائد وأفكار | ما لكم في الرافضة فئتين؟!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > عقائد وأفكار > ما لكم في الرافضة فئتين؟!


  ما لكم في الرافضة فئتين؟!
     عدد مرات المشاهدة: 3343        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد:

فإنه لم يتجل أمر الرافضة الإثنا عشرية واضحا كما هو اليوم، ولم يختلف من سبقنا من أهل الإسلام في شأنهم كاختلافنا فيهم اليوم، فهل حلّت بنا سنة الله فيمن كانوا قبلنا، إذ لم يختلفوا (حتى جاءهم العلم) فالتبس علينا الأمر الواضح؛ سياسيا وشرعيا واستراتيجيا؛ عقوبة من الله، فلم نعتبر بالماضي الطويل، ولم نتعظ بالواقع المشاهد، فطلب بعضٌ منا من عند الرافضة الإثنا عشرية خلاف الذي مرت به السنوات والقرون! وأخذ كثيرون بالتهريج، فرفعوا شعارات حزب الله، وسموا أولادهم باسم زعيمه تيمنا. واعتبر بعضهم مجرد التوقف خيانة وتوليا للعدو الإسرائيلي. بل وسم بعضهم المتحفظين على دعم الحزب بالسذاجة السياسية، والوقوف مع الأنظمة المستبدة في وجه الثوار والمقاومين.

أما وقد وضعت حرب تمّوز من هذا العام 2006 أوزارها، وذهبت فورة الحدث وهدأت النفوس شيئا فإنني أستأذن كلا الفريقين- منا أهل السنة- بقراءة متأنية لما جرى، ولما أظنه سيجري، ليس على الساحة اللبنانية فقط، بل على المنطقة برمتها إن بقيت الأمور على ما هي عليه هذه الأيام. واللهَ أسأل أن يهدينا لما اختُلف فيه من الحق، وأن يجمع قلوبنا على محبته ورضاه. آمين.

أولا: حرب تموز بين حزب الله وإسرائيل لا ينبغي ولا يصح أن تكون حدثا مبتوت الصلة جغرافيا وتاريخيا، وكل من يتعامل مع حدث كهذا منفصلا مبتوتا فإن قراءته وتحليله، وبالتالي مواقفه وأحكامه منه ستكون ضعيفة غير مطردة، عاطفية غير موضوعية، تنتقض عُراها يوما بعد يوم؛ شأن كل رأي فطير في أمر خطير، وقرار سياسي صرف في شأن ذي أبعاد عقدية وتاريخية.

هناك أسئلة بدهية لابد من استحضارها لبلورة موقف أكثر نضجا وموضوعية:

من هو حزب الله؟ ولماذا أشعل فتيل الحرب؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ ما رأي غالبية اللبنانيين وما موقفهم؟ هل ما يفعله الحزب جهاد أم مقاومة أم حرب بالوكالة؟، هل يملك حزب صغير في بلد صغير مقومات حرب؟ وإذا كان يملكها فلماذا مُكِّن من ذلك؟ مَن مكّنه من ترسانة الصواريخ وحَرَم منها الدولةَ التي يمثل الحزب أقلية فيها؟ هل الحزب عدو لإسرائيل حقا، وإذا كان كذلك فلماذا سكت دهرا أيام كانت الدولة لحلفائه في لبنان؟ ما علاقة ما جرى في لبنان بما يجري في العراق وإيران؟... إلخ.

وعندما يتم القفز على كل هذه الأسئلة جميعها، وإبراز مبررات صغيرة سطحية، من مثل: الحزب يرفع راية الجهاد والمقاومة ولا بد من دعمه- المهم أنه يواجه إسرائيل عدونا الأول- الحزب يقول إنه لا يحارب باعتباره حزبا رافضيا، وإنما لكونه حزبا لبنانيا يدافع عن أرض لبنانية- يجب الوقوف مع حزب الله مادامت حربه في صالحنا وتحقق أهدافنا- عقيدة الحزب وولاؤه وانتماؤه لإيران ينبغي أن يؤجل لنكون شركاء في ثمرات النصر، ونعطي مثلا عمليا للتقارب وحسن النوايا... إلخ.

وواضح من هذه المبررات أن أصحابها قد توصلوا إلى نتيجة محددة سلفا فجلبوا لها كل ما يمكن أن يكون مبررا في نظرهم، ولم تتسع صدورهم للإجابة المتأنية عن الأسئلة آنفة الذكر، ولعل مفاجأة الحدث دفعت بهؤلاء؛ رغبة في أخذ زمام المبادرة وقيادة الرأي العام الإسلامي، ونكاية بخصوم سياسيين، وتقربا لآخرين ظنوا أن أسهمهم صاعدة. دفعت بهم باتجاه موقف الدعم والمؤازرة، دون شراكة حقيقية، بل دون رؤية مشتركة مع حزب الله لاستثمار ما بعد الحرب لمستقبل المنطقة.

ولقد كان الحدث بخيوطه الخفية والمعلنة أكبر من مجرد موقف ارتجالي مستعجل يمثله تيار إسلامي أو قومي عروبي مهما حسنت النوايا.

إن المرء ليشعر بالعجلة والارتجال في المواقف وهو يرى بيانا يصدر ومحطات مرموقة تحتكر الرأي لصالح هذا الموقف، وشخصيات علمية وفكرية تُستنطق في اليوم الواحد مرات مع رأي بعينه وضد ما سواه، وكأن هذا الفريق يحشد لحملة انتخابية في بلد ديمقراطي، وكأن حزب الله فعل فَعلته بعلمهم ومشورتهم، فهم يفعلون ما بوسعهم لحماية ظهره أن تنكشف سوأته أو يخيب ظن الناس فيه. وهم يعلمون يقينا أن حالهم أشبه بقول الأول:

ويقضى الأمر حين تغيب تيم *** ولا يستأمرون وهم شهود

إن هذا الخلل كان بسبب الاستعجال الذي لم يكن له ما يبرره، وباختزال وتجاهل حقائق التاريخ والجغرافيا بأبعادها الشرعية والسياسية والإستراتيجية.

ثانيًا: وبما أن هذه الحرب حدث غير مبتوت الصلة فهي تأتي في سياق تاريخي وجغرافي بالغ الحساسية، يجب أن نقف عنده بأناة ونكشف النقاب عنه بوضوح، وبما أن حزب الله الرافضي الإثنا عشري هو بطل القصة فلتكن هذه الطائفة- الرافضة الإثنا عشرية- بتمددها التاريخي والجغرافي، وبما لهذا التمدد من أبعاد شرعية وسياسية وإستراتيجية على المنطقة هي محل متابعتنا.

فمن الناحية التاريخية:

لم يسجل تاريخيا أن هذه الطائفة أضافت إلى أرض الإسلام شبرا واحدا فيحسب لهم على أنه جهاد في سبيل الله! يوم كانت سوق الجهاد قائمة وجيوش المسلمين في استنفار دائم ومواجهات لا تنقطع مع أعداء الأمة.

على امتداد تاريخ الإسلام لم يسجل لهم أنهم تخندقوا مع المسلمين في خندق واحد لدفع عدو أو تحرير أرض.

لا يعرف تاريخيا أنهم قاطعوا أعداء المسلمين من النصارى أو افتدوا للمسلمين أسرى، بل ما جرى هو العكس، فلقد استغلت الدولة الصفوية الفارسية الرافضية حالة انشغال الدولة العثمانية بمواجهة أوربا النصرانية فأغاروا على بغداد واحتلوها أكثر من مرة.

نستطيع أن نقول باطمئنان: إن الرافضة ليسوا أصلا في حالة مواجهة ولا عداء مع غير المسلمين. والنصارى تاريخيا وحاضرا يعرفون ذلك جيدا، وما يقع بينهم من خصومات إنما ينحصر في المنافسة على مناطق النفوذ والاستئثار بالموارد والثروات، وهذا يجري مثله دائما في كل بقاع العالم. وهذا يختلف جذريا عن المواجهات بين الإسلام وخصومه.

لقد ثبت تاريخيا، وبصورة متكررة منهجية أن الرافضة- أينما وجدوا- هم أعداء تاريخيون لدولة الإسلام السنية؛ فهم أسقطوها في المدينة المنورة لفترة من الزمن في أواسط القرن الثالث، واجتاحوا مصر والشام وأقاموا الدولة الفاطمية البغيضة، وأسقطوا دولة الخلافة في بغداد في فاجعة وخيانة تاريخية أواسط القرن السابع الهجري، وهم بدلوا دين أهل تبريز وخراسان وما جاورها من أهل السنة بقوة السيف على يد إسماعيل الصفوي، وهم الذين دخل المحتل الأمريكي والغربي بمعيتهم وتأييدهم إلى العراق.

فليت شعري ما الذي تحتفظ به ذاكرة القوم الذين اصطفوا إلى جنب حزب الله. وهل نسوا مجازر الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا على يد حزب أمل الشيعي صنيعة النظام السوري. وهي على مرمى حجر من الضاحية الجنوبية؟ وهل ذاكرتهم من الضعف بحيث نسوا صنيع رافضة العراق بالفلسطينيين من قتل وتشريد في الأرض بعد سقوط صدام، وكانوا مقيمين في بغداد آمنين لعقود؟

فمتى نعترف بفشل الاحتكام إلى السياسة دون استصحابٍ للمؤثرات الأكثر فاعلية واحتراما لدى أصحابها. ومتى ندرك أن الرهان على المخالفين في المعتقد رهان خاسر، وأن الدين هو صاحب الكلمة الفصل في أي معترك بيننا وبين أمم الأرض.

وعلى أية حال فإن بيننا قادمات الأيام لنرى كيف سيكافئ الرافضة أولئك الذين وقفوا معهم، وأحسنوا الظن بمقاومتهم وجهادهم. وإن غدا لناظره قريب.

الكاتب: حسن بن صالح الحميد.

المصدر: موقع رؤى فكرية.